السلطان أردوغان يدوس على “رأس العرب” بأقدام السعودية الراعية للانحطاط العربي

المحرر السياسي| المراسل نت:

لم تشهد دول العالم هذا المستوى من البجاحة والاذلال للدول والأنظمة العربية كالمستوى الذي نشهده اليوم. لا نتحدث هنا ان الممارسات العربية-العربية، ولكن الحديث عن الاهانات غير المسبوقة التي تقف وراءها تركيا ممثلة بنظام الرئيس رجب طيب أردوغان والتي يوجهها للعراق بشكل يكشف “عورة العروبة” وضعف العرب والانحطاط الذي تولت السعودية رعايته حتى ارتدت اثاره عليها وقانون جاستا ليس إلا بداية الارتداد القادم.

 

قبل أيام قال رئيس وزراء تركيا بن علي يلدريم أنه لا يفهم رد فعل العراق تجاه تواجد القوات التركية في الأراضي العراقية في الموصل، ويقص طلب العراق من مجلس الامن بعقد جلسة طارئة لمناقشة “الاحتلال التركي” لأراضٍ عراقية. هي بالفعل سابقة ربما لم يشهدها التاريخ من قبل، أن يستغرب رئيس حكومة من رد فعل دولة أخرى على تعرضها للاحتلال العسكري!

 

أما الرئيس التركي أردوغان فقد تولى الكشف عن ذروة الغرور والغطرسة التركية وعبر انطلاقا من أحلامه الإمبراطورية الرامية لاستعادة المجد العثماني عندما خاطب رئيس وزراء العراق حيدر العبادي بأسلوب ملؤه الاحتقار للآخر والغرور والخروج الكامل عن الأعراف والمبادئ.

اليوم وفي قمة المجلس الإسلامي في أوراسيا بمدينة إسطنبول صعد الرئيس أردوغان ليتحدث أما الكاميرات ويقول مخاطبا رئيس وزراء العراق “أقول لرئيس حكومة العراق إلزم حدودك!…الجيش التركي لم يفقد قيمته حتى يأخذ تعليماته من رئيس الحكومة العراقية وسنواصل عملياتنا في بعشيقة”

وواصل أردوغان تعبيره عن الغرور الذي يسيطر عليه وقال مخاطبا العبادي مرة أخرى “أقول له أنت لست ندّي ولست بمستواي وصراخك في العراق ليس مهماً بالنسبةِ لنا على الإطلاق”.

قد لا يصدق المرء ان هجوم اردوغان بهذا الشكل على رئيس حكومة العراق بأنه دفاع أردوغاني عن احتلال قواته لأراضٍ عراقية، وقد يتبادر إلى الذهن أنه يستخدم الخطابة كجزء من حرب دفاعية ضد احتلال العراق لتركيا وليس العكس. لكن مرحلة الانحطاط العربي اليوم هو الذي أتاح لأردوغان توجيه الاهانات للعرب بشتم العبادي الذي يظل عربيا وممثلا لدولة عربية سواء كان شيعيا أو مسيحيا او حتى بوذيا. لأن أردوغان يهاجم الضعف العربي وليس العراق الشيعي.

أردوغان الذي تحدث وكأنه قد نصب نفسه “إله المنطقة” ليس قويا بما يمكنه من إهانة دولة عربية بل هو الضعف العربي، لأن أردوغان نفسه الذي يظهر “إلها” في العراق هو أردوغان “العبد الذليل” الذي ذهب مطأطئ الرأس ليقدم الاعتذار باللغة الروسية في حضرة رئيس روسيا فلاديمير بوتين، عن اسقاط قواته لطائرة روسية.

المسؤول الأول عن الانحطاط العربي هي المملكة العربية السعودية، لأنها هي من استمات لتدمير ليبيا وموّلت وشرّعت غزو الناتو لذلك البلد العربي ثم تركته للتدخلات الخارجية دون أي اعتراض بل انها تقبلت إهانة فرنسا لها عندما امتنعت عن دعوتها لحضور مؤتمر دولي حول ليبيا، لأن ليبيا أصبح بلدا خارج الخدمة وانتهت المهمة السعودية عند تدميره.

السعودية مسؤولة عن ضعف العرب وإتاحة الفرصة لأردوغان لإهانة العراق صاحب التاريخ الذي يعود لآلاف السنين، لأن العراق الضعيف أصبح كذلك لأن الطائرات الامريكية انطلقت مرتين في عام 90 وعام 2003 لضرب العراق وبعد ذلك غزوه ثم دعمت ومولت الجماعات الإرهابية لتقطيع اوصال العراق، وهذه الحقيقة ثابتة لم تعد محط نقاش وليقبل ذلك من قبل ويرفض من رفض.

السعودية مسؤولة عن الانحطاط والذل العربية لأنها سخرت كل امكانياتها لتدمير سوريا رغبة في اسقاط الأسد وفي نهاية المطاف أصبح الملف السوري ملفا أمريكيا-روسيا بشكل واضح والسعودية عادت لمكانها الطبيعي في الخلف بعد انتهاء مهمة التدمير والوكالة لحروب أمريكا في المنطقة، وهذه حقيقة أيضا ولسنا في وارد مناقشتها والجدال مع السطحيين.

السعودية مسؤولة عن الانحطاط والذل العربي لأنها تدمر اليمن منذ 19 شهرا بحجة محاربة إيران وحجج أخرى، وتستدل بحديث خطيب مسجد في إيران قال ان بلده أصبحت تسيطر على أربع عواصم عربية بينها صنعاء، أما احتلال اردوغان لأراضي العراق وتبجحه بذلك واهانته للدولة العراقية لم يكن دليلا واضحا للقيادة السعودية لتشهر عاصفة حزمها على تركيا بل انها أرسلت ولي عهدها قبل أيام لتطوير العلاقة مع السلطان أردوغان.

بالأمس أعلنت السلطات المصرية أن السعودية أبلغتها بقرار وقف تزويد القاهرة بالمشتقات النفطية، لأنه وبعد أكثر من 40 عاما على إشهار سلاح النفط ضد أمريكا لدعمها إسرائيل ضد مصر في حرب أكتوبر، انتظر العرب إعادة اشهار هذا السلاح ليجدونه مصوبا إلى مصر وليس إسرائيل.

لقد اشغلت السعودية الدول العربية بنفسها وبالدمار للدرجة التي لم يعد بإمكان الشعوب العربية أو لم يعد لها القدرة حتى على مجرد الغضب تجاه تصريحات اردوغان الميهنة للعراق بغض النظر عمن يمثل العراق سواء كان شيعيا او سنيا، لأن الإهانة لحقت بالعرب وليس بالشيعة وحدهم. تركيا الاردوغانية في حقيقة الأمر تدوس رأس العرب بأقدام السعودية.

في حضرة الاهانة الاردوغانية للعروبة نقتبس رد الشاعر غازي القصيبي على نظيره نزار قباني الذي تساءل متى يعلنون وفاة العرب؟

 

نزارٌ ! أزفُ اليك الخَبَرْ!

لقد أعلنوها.. وفاَة العربْ!

وقد نشروا النعْيَ .. فوق السطورِ ..

وبين السطورِ .. وتحت السطورِ ..

وعبْرَ الصُوَرْ!

وقد صدَرَ النعيُ ..

بعد اجتماعٍ يضمُّ القبائلَ …

جاءته حمْيَرُ تحدو مُضَرْ!

 

(700)

الأقسام: المراسل العالمي