حقيقة معركة البقع: صعدة أبعد من صنعاء و”المقاومة الجنوبية” درع للجيش السعودي

خاص| المراسل نت:

على مدى 19 شهرا لم تفد أي وسيلة اعلامية دولية بوجود نتائج ايجابية يحققها التحالف الذي يشن حربا على اليمن بقيادة السعودية.

هذه الحقيقة أصبحت تتسرب إلى أوساط السعوديين والخليجيين بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة والتي تزايدت فيها الدعوات لانهاء الحرب وفي بعض الاحيان يقول بعض الكتاب السعوديين ان على بلادهم ان تعاقب حلفاءها باليمن وتركهم لمصيرهم وإخراج السعودية من الحرب التي لا يبدو لها أفقا. تلك الدعوات تنشر في الصحف الرسمية السعودية بما يؤكد أن هذا التوجه مرخص له من قبل السلطات وتهدف لخلق رأي عام مؤيد لهذا التوجه.

وحدها حكومة هادي تبدو خارج السرب ولم تمل على مدى أكثر من 8 أشهر (بداية معركة نهم) من القول انها على أبواب صنعاء، لأن وقود الحرب هم مجاميع من المقاتلين الذين تورطوا بذهابهم إلى معسكرات الاصلاح طمعا في الحصول على المال في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية في اليمن، وايضا فإن الحرب بالنسبة لقيادات الاصلاح وهادي هي حرب مربحة إن لم تحقق الهدف فهي تحقق الربح وإن لم يكن هناك أفق لها فوقفها سيجعل أفق الربح معدوما.

في الآونة الأخيرة أصبحت السعودية تجرب آخر الحلول المتمثلة بجلب مقاتلين غير سعوديين إلى حدودها تحملهم الضغط الملقى عليها جراء الخسائر البشرية والمادية التي تلحق بالجيش السعودي وبدأت تداعياته توجد قضية اجتماعية داخل السعودية. وإذا ما تمكن اولئك المقاتلين من ضمان تحقيق الهدف فلا بأس للسعودية ان تواصل الاستمرار في الحرب وانتظار أي اختراق في الجبهات الداخلية باليمن طالما استطاعت التخلص من عبء الحدود والقته على مقاتلين آخرين.

  • خسارة الملف السوري واستثمارها في الملف اليمني

في سوريا أصبح الجيش السوري صاحب اليد الطولى في المعارك وباتت المنظمات الارهابية والجماعات المسلحة المعارضة في وضع دفاع مستمر لا يمكنها من ضمان مواقعها وباتت على بعد خطوة من فقدان اهم معاقلها في ظل تقدم الجيش السوري في حلب.

وبغض النظر عن الوضع العسكري في سوريا فإنه في كل الاحوال أصبح الملف السوري ملفا امريكيا روسيا وتراجع الدور السعودي إلى أدنى مستوى.

خسارة السعودية للملف السوري دفع اجهزة المخابرات السعودية لسحب المقاتلين السوريين من جنوب سوريا إلى جنوب السعودية.

قبل ثلاثة أيام كشفت جريدة الاخبار من مصادر أمنية معنيّة بالجبهة الجنوبية السورية، إن الاستخبارات السعودية تعمل على تجنيد ما بين 3 إلى 4 آلاف مقاتل من الجنوب السوري، “بغية نقلهم إلى الحدود السعودية ــ اليمنية، لخوض معارك الدفاع ضد الحوثيين وقوات الرئيس علي عبدالله صالح”.

وتكشف تلك المصادر إن الاستخبارات الأردنية والسعودية استأنفت تنظيم الدورات العسكرية لتدريب مسلحي “الفصائل الجنوبية” نهاية اغسطس/آب الماضي، في معسكرات تتبع للجيش الأردني شمال المملكة الهاشمية، ومعسكرات الحرس الوطني السعودي في منطقتي عرعر وحفر الباطن، شمال شرق السعودية.

  • الجنوب اليمني: فصائل تائهة تبحث عن مبررات

على الرغم من سيطرة التحالف على الجنوب اليمني والذي جاء انسحاب الجيش اليمني والحوثيين منه وفق حسابات لا تتعلق بظروف المعركة. غير أن الفصائل الجنوبية او ما كان يعرف بالحراك الجنوبي دخلت كلها في مرحلة تيه وأصبحت خارج الفعل وداخل “معادلة الاستخدام”. فالجنوب الذي قاتل وناضل في سبيل الاستقلال على خلفية حرب صيف 94م وجد مقاتلوه أنهم أصبحوا مجرد منتمين لشركات تبيع المجندين للجنرال علي محسن الاحمر (اكبر اعداء الجنوب) وبالتالي تجنيدهم للسعودية.

وفيما تخطط السعودية بل باتت في مرحلة التنفيذ، حيث دفعت بالمقاتلين المنتمين لجنوب اليمن ومعظمهم من السلفيين للقتال نيابة عن الجيش السعودي الذي يتعرض للاستنزاف في صحراء البقع. الجنوبيون يحاولون التبرير لأنفسهم بأنهم يردون الجميل للسعودية أما حكومة هادي كعادتها ومن خارج المشهد فقد اشغلت إعلامها بالقول أنها بدأت معركة تحرير صعدة، في وقت علقت كثير من مهمات التحرير في “ميدي” و”حرض” و”صنعاء” و”صرواح” أملا في تغيير الاسطوانة المملة التي ارتبطت بعجزها في تلك الجبهات وبهدف الحصول على عنوان صارخ بمجرد الاتيان على ذكر “صعدة” باعتبار الحديث انجاز.

  • ماذا يحدث في البقع؟

تجد الفصائل الجنوب يمنية نفسها في خضم معركة في أقصى الشمال في وقت لم يستقم لها الأمر في الجنوب، وهذه المعادلة الغريبة ولدت الكثير من الاسئلة التي حاولت قيادات جنوبية التهرب منها والقفز نحو “رد الجميل” للسعودية رغم أن القوات الشمالية المسلحة محملة بجمائل السعودية ويفترض بها هي أن ترد الجميل في المناطق التي تنتمي إليها. كل تلك التساؤلات تضع الفصائل الجنوبية في خانة “الارتزاق”.

وفيما أعلن التحالف السعودي عن فتح جبهة شمال اليمن باتجاه صعدة وحظي ذلك بتغطية اعلامية كبيرة. غير أن الخروج من دائرة الحرب الاعلامية والاقتراب من الواقع يوضح مايجري على حقيقته.

في منطقة خباش باتجاه منطقة البقع اليمنية في الحدود مع نجران والتي لا يفصل بين حدود الجانبين الصحراوي سوى اسلاك حديدة بسيطة، كان الجيش السعودي يتعرض لعمليات مضادة واستنزافية من قبل الجيش اليمني والحوثيين. وفي إطار سعي السعودية للتخلص من هذه الخسائر والضغوط الناتجة عنها بدأت بإيجاد بدائل على الشريط الحدودي بالاستعانة بمقاتلين غير سعوديين حيث فشلت الدعوات الدينية بالتجنيد الاجباري للشباب السعودي في جعلهم يقبلون على التجنيد.

باتجاه منطقة البقع تم الدفع بمئات المقاتلين من فصائل جنوب اليمن للبدء بمعركة تهدف لتحقيق منطقة عازلة تبعد الخطر عن الجيش السعودي. أما حديث اعلام حكومة هادي عن صعدة والتقدم باتجاه مديرية كتاف وهي المديرية الاشد صعوبة من حيث التضاريس على الاطلاق والحديث عن معركة باتجاهها ضرب من الخيال يفضحه العجز الكبير في ابسط التضاريس المتمثلة في سواحل وصحراء ميدي الأمر الذي يوجب ابعاد روايات إعلام حكومة هادي والاصلاح عن صلب ما يحدث فهي تنحصر في اطار الدور الثابت والخيالي المستهلك اعلاميا.

باتجاه منفذ البقع وفي أول يوم للمعارك التي تم ادخال المقاتلين القادمين من جنوب اليمن حدثت معركة كبيرة كتبت أول سطر يمكن من خلاله التنبؤ بما سيحدث. فبعد يوم من المعارك استقبلت عدن أكثر من 50 جثة لمجنديها الذين اكتسبوا ثقة مغلوطة بقدرتهم على مواجهة الحوثيين انطلاقا من انتصارهم في جنوب اليمن وهو الانتصار الذي لم تحققه المعركة وانما الحسابات.

المحاولات الجنوبية لتبرير ما يحدث يمكن معرفة جانب منها من خلال تقرير نشره موقع إرم نيوز حيث تحدث علي الذهب الذي وصفه الموقع بالمحلل الاستراتيجي الذي اعترف بجانب من الاهداف الحقيقية للمعركة المتمثلة في “تأمين منطقة عازلة، مؤقتًا، بين المملكة واليمن”

ونقل التقرير مخاوف المحلل السياسي، أسامة الشرمي من “انجرار شباب المقاومة الجنوبي إلى عمق الأراضي الشمالية، لما لذلك من مآلات سيئة قد تلحق بهم بسبب عدم معرفتهم أولاً بالبيئة وديموغرافيا المناطق الشمالية الذين يميل بعضهم في وقت الحروب إلى تغيير مواقفهم باستمرار، وبالتالي يصبح من الوارد تعرّضهم للخيانة” بحسب قوله.

أما عن انتماء المقاتلين الجنوبيين الذين تم جلبهم فيكشف يحيى محمد مقيت الذي وصفه بالموقع بانه شيخ قبلي، عن “مشاركة حوالي 2000 جندي من محافظات الجنوب، ينتمي أغلبهم إلى التيار السلفي ومن طلبة العلم الذين درسوا سابقاً بمنطقة دماج، قبل أن يغادروها بوساطة حكومية مطلع العام 2014” بحسب ما قال.

في الاجمال فإن الحديث عن تقدم هو هدف جامع للسعودية وحكومة هادي والحراك الجنوبي فهذا الحديث عن التقدم الذي لم يحدث في الحقيقة، يستحوذ على مساحة كبيرة من تغطية الاعلام وبالتالي تنحسر التساؤلات حول لجوء السعودية للاستعانة بمقاتلين غير سعوديين؟ وانجرار الحراك الجنوبي الى معركة لا علاقة له بها؟ والهروب من الفشل العميق لحكومة هادي في مختلف الجبهات؟ وفي ذات الوقت فإن الاجابة الجامعة لتساؤلات المعركة تلك تنحصر تماما في إبعاد الجيش السعودي عن خطر الهجمات التي سيتولى المقاتلون السلفيون والجنوبيون تلقيها بالوكالة، أما الحديث عن معركة صعدة فهي معركة لن تحدث إلا في الإعلام.

 

(2707)

الأقسام: المراسل العالمي